المطلب الثانی فی تشخیص الواضع
و فیه قولان:
احدهما قول المحقق النائینی قدس سره
و قد استدل علی مدعاه بوجهین: احدهما انه لیس فی قدره شخص او جماعه ان یتصورا معنی لغه واحده و الفاظ لغه واحده مع کثرتها و دقه معانیها حتی یوضع هذه الالفاظ لهذه المعانی فضلا عن سائر اللغات.
ثانیهما انا لو سلمنا کون الواضع انسانا واحدا او جماعه لنقل التاریخ اسمه حیث انه من اکبر الخدمات للبشر مع ان التاریخ لم ینقل و لو بسند ضعیف اسم الواضع و لکن نوقش فی کلا الامرین اما الاول فنحن لا ندعی ان الالفاظ وضعت للمعانی دفعه واحده حتی یقال انه لا یقدر علی هذا احد بل البشر من حین تولده یمکن ان یتفاهم بینهم بالاشارات و امثال ذلک و بعد مرور الزمان و تکامله افتهم اسلوبا آخر احسن و اشمل من السابق للتفاهم و هو وضع اللغات فان هذه الاوضاع المتعدده و الالفاظ الکثیره حدثت بمرور الزمان شیئا فشیئا کما نلاحظ الآن فبعد کشف معنی جدید من المخترعات و غیرها یوضع الفاظا جدیده و من هذا الجواب ظهر جواب الدلیل الثانی.
القول الثانی
و هو القول ببشریه الواضع و لکن ذکر لهذا القول مبعّدات ایضا: منها انه کیف قدر الانسان ما قبل اللغه البدائی ان یلتفت الی امکانیه الاستفاده من الالفاظ و وضعها بإزاء المعانی لولا الهام من الله سبحانه و تعالی. منها ان التفاسیر المتقدمه فی حقیقه الوضع تتطلب درجه بالغه من الفهم و لا شبهه فی انها حصلت فی مراحل متأخره عن صیروره الانسان انسانا اجتماعیا قادرا علی التفهیم و التفهّم. منها انه کیف حصل اتفاق جماعه من الناس علی لغه واحده.
و لکن هذه المبعدات یمکن ان نجیب عنها بان هذه الاشکالات انما تأتی بالنسبه الی تواجد سائر العلوم التی کانت ادق و سائر المصنوعات البشری و کمالات اخر و اما حصول الاتفاق علی لغه واحده فانما هو من جهه ان وضع اللغات نوعا حصل من شخص اخترع او صنع و التقط معنی و وضع له لفظا للتفاهم مع من حوله و هم یتبعون فی التلفظ فحدث لغه واحده کما نری فی موارد تسمیه الاولاد.
و لکن مع ذلک کله یمکن ان نقول باحتمال تعلیم اللغه الاولیه من قبل الله سبحانه و تعالی کما یشیر الیه فی الآیه الشریفه « خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَیان »[۱]
المطلب الثالث اقسام الوضع
الاقسام المتصوره للوضع بلحاظ المعنی الموضوع له اربعه: الاول الوضع العام و الموضوع له العام. الثانی الوضع العام و الموضوع له الخاص. الثالث الوضع الخاص و الموضوع له الخاص. الرابع الوضع الخاص و الموضوع له العام. و الوجه فی ذلک ان المعنی المتصور فی الذهن حین الوضع اما ان یکون عاما او خاصا و علی الاول فاما ان یوضع بنفس ذلک المعنی العام لفظ او لافراده و مصادیقه و علی الثانی ایضا کذلک یعنی اما ان یوضع لنفس المعنی الخاص لفظ و اخری لعامه و کلیه و طبیعیه.
المطلب الرابع
الاقسام الممکنه عقلا للوضع بلحاظ المعنی الموضوع له ففیها اقوال:
القول الاول
الاقسام الممکنه اثنتان الوضع العام و الموضوع له العام و الوضع الخاص و الموضوع له الخاص لان الوضع یحتاج الی تصور طرفیها، الموضوع له و اللفظ الموضوع و فی الوضع العام و الموضوع له العام و هکذا الوضع الخاص و الموضوع له الخاص فان المعنی الموضوع له تصوره الواضع و لاحظه و اما اذا اراد الوضع للموضوع له الخاص مع تصوره نفس المعنی العام فقط فلا یمکن لعدم تصور الموضوع له و هکذا القسم الآخر و هذا القول محکی القدماء.
القول الثانی
و هو مختار الکفایه: ان الاقسام الممکنه ثلاثه و توضیح کلامه یتوقف علی مقدمتین: الاولی و هو ان الوضع الذی هو الحکم حقیقه فعل اختیاری یصدر من الواضع و یحتاج الی تصور طرفیه المعنی و اللفظ و بدون تصورهما لا یمکن الوضع عقلا و لکن لا یلزم لحاظهما بالوجه و بجمیع خصوصیاته بل لو لاحظ الواضع طرفی الوضع بوجه باحد العناوین التی ینطبق علیهما لکفی فی الوضع اذ لحاظ وجه الشیء لحاظه بوجه الثانیه ان العام یصلح لان یکون آله للحاظ افراده و مصادیقه بما هو عام لان العام وجه و عنوان للافراد اذ الفرد مثل زید ینطبق علیه وجوه و عناوین احدها زید و الآخر رجل و ثالثها الانسان و رابعها الحیوان و خامسها الجسم النامی و هکذا و کل من هذه العناوین تحکی عن الفرد بوجه من الوجوه لا بالوجه و بجمیع خصوصیاته و المحصول و النتیجه من هاتین المقدمتین امکان هذا القسم من الوضع و بعباره اخری بتعبیر السید الصدر ان العام و المفهوم الکلی عین المفاهیم الجزئیه بالحمل الاولی و ان کان غیرها بالحمل الشایع و فی مقام الوضع یکفی احضار الموضوع فی الذهن بالحمل الاولی و لا یلزم احضاره بالحمل الشایع نعم لو ارید الحکم علی الشیء بالحمل الشایع فلابد ان یحضره فی الذهن بالحمل الشایع کما یأتی شرطه عن قریب ان شاء الله.
و لکن اعترض علی امکان هذا الفسم و هذا التوجیه باعتراضین: احدهما مرکب من مقدمتین ایضا الاولی ان الوضع و ان کان یکفی فیه تصور الشیء اجمالا و لا یلزم تصوره تفصیلا الا انه یلزم تصور نفس الشیء بجمیع خصوصیاته و لکن اجمالا و لا یکفی مجرد نفس بعض الشیء تحلیلا. الثانیه ان الکلی و الجامع انما ینتزع عن الافراد بعد فرض خصوصیاته الشخصیه و تجریدها حتی تبقی الحیثیه المشترکه و الجامع ینتزع منها و یحکی عنها مثلا ان الانسان لا ینتزع عن زید و عمرو و بکر بما هو زید و عمرو و بکر بل ینتزع عن حیثیه الانسانیه ای الحیوان الناطق المشترکه بینهم و یحکی عن تلک الحیثیه نعم یمکن الوضع لها و لکن هو من الوضع العام و الموضوع له العام و لذا ما یمکن له الوضع بعد تصور الجامع
صفحه ۳۴
[۱] الرحمن ۳.۴